عاد مؤخرا منشور يتحدث عن أصل الاحتفال بيناير في مواقع التواصل الاجتماعي وهو إن حوى بعض الحقيقة إلا أن فيه من الزيف الشيء الكثير.
أصل اسم يناير
ترجع تسمية شهر يَناير إلى اسم إله روماني وثني هو يانوس Janus [1]، مِن يَنْوَاريوس Ianuarius أي اليانوسي، وأسماء الشهور في اللاتينية تعامل معامل الصفات لأن المقصود بها Mensis Ianuarius أو الشهر اليانوسي. والذي انتشر في شتى اللغات العالمية فأعطى العربية يناير والفرنسية اسم Janvier ومنه إلى الإنجليزية January وأعطى الأمازيغية ألفاظا أخرى من بينها ينّاير بتشديد النون. وهذا كأكثر أسماء الشهور والأيام الغربية التي تُنسب لآلهتهم الوثنية كمثل مارس إله الحرب الروماني أو إلى تمثيلها الكوني في الأجرام السبعة[2] فإن يوم مارس أو المريخ هو Mercredi في الفرنسية ويوم زحل مثلا هو Saturday في الإنجليزية. غير أن التراث الوثني الإنجليزي يرجع أصله إلى المعتقات الشمالية فنجد أسماء آلهتهم في الأيام مثلThursday أي Thor's day أو يوم ثور.
ويانوس ليس رب الأرباب في الميثولوجيا الرومانية وإنما هو إله ثانوي يوصف بكونه إله المداخل والغايات ويُمثّل بوجهين ينظران في اتجاهين متعاكسين، ما أعطاه رمزية عتبة السنة.
هامش:
[1] أصل نطق الاسم هو بالياء وإنما حرف J هو فقط كتابة معدلة عن حرف I في أول الكلام صائت vowel، ولأن الفرنسية لا تملك حرف الياء (Y يسمى عندهم بالياء الإغريقية i-grec) فنطقه الفرنسيون جيما مثل نطقهم يوسف جوزاف ويعقوب جاكوب ونحوها، ومن الفرنسية انتقل هذا النطق إلى الإنجليزية,.
[2] الأجرام السبعة هي: عطارد Mercury والزهرة Venus والمريخ Mars والمشترى Jupiter (مثيل زيوس الإغريقي) وزحل Saturn. إلى جانب الشمس Sunday والقمر مثل Lundi/Monday.
أصل الاحتفال به
أما ما يشيع ذكره من أن الإثناعشر يوما (في كون الاحتفال بيناير يتم يوم 12 من بداية السنة الشمسية) هو راجع إلى استراحة الرومان فيه ليحتفلوا باليوم الأخير فهو خلط، ولعلهم قصدوا ما أحدثه النصارى في القرن السادس فجعلوا اثناعشر يوما للكريسمس ومولد الإله الابن عندهم - تعالى الله الواحد عن ذلك-، فكان الناس في القرون الوسطى يحتفلون فيها ويستريحون من العمل.
ولا أحسب أن تشابه الأمرين سوى صدفة، إلى أن تتبين المصادر التاريخية لهذا الاحتفال في شمال إفريقيا.
فيناير هو اليوم الأول للسنة عند الرومان وليس الثالث عشر، ذلك أن التقويم الروماني والتقويم الشمسي المستعمل في العالم القديم هو تقويم يولياني تم استبداله بالتقويم الغريغوري الحديث، وهو تقويم شمسي آخرُ معدّل، وُضع كي يكون أكثر دقة وتوافقا مع السنوات الكبيسة والفارق بين التقويمين في هذه الحقبة هو تقريبا ثلاثة عشر يوم.
وسكان شمال إفريقيا كغيرهم من سكان الحوض المتوسط والعالم القديم لا يحتفلون فقط بأول السنة استفتاحا بخير جديد وإنما لهم احتفالات كثيرة ترتبط بالفصول مثل احتفال أول الربيع (المماثل لنيروز) واحتفالهم بالحصاد وتشاركهم فيه تويزة، إلى غير ذلك، وهو ما أعطى التقويم القديم طابع التقويم الفلاحي. وهو ليس احتفالا بآلهة وثنية اليوم فيما نعلم.
لكن على المسلم أن يحتاط لدينه وما يغرسه في أبنائه ولا يحتفل بهذه الأعياد كافة سواء المولد النبوي أو الكريسمس أو النيروز أو الفالنتاين أو رأس السنة الميلادية أو الهجرية أو الأمازيغية أو غيرها من الأعياد الكثيرة التي لم يأت بها الدين فتصرف المسلمين عن فرحة أعيادهم الحقيقية التي سنها لهم ربهم: فرحة عيد الفطر بعد رمضان وعيد الأضحى اقتداء بأبي الأنبياء إبراهيم عليه السلام.
والله أعلى وأعلم.
جزاك الله كل خير
ردحذفبارك الله فيك
ردحذفنك مك
ردحذف