يُسمى البيض في بعض لهجاتنا المغاربية بالدحي ومفردها دحية كما في ليبيا أو أولاد الجاج كما في وسط الجزائر أو العظمات ... وهذه الأخيرة هي موضوع اليوم.
ففي بعض اللهجات الجزائرية والتونسية ومن جملتها لهجات حواضر قديمة[1] تُسمى البيضة بالعظمة وتجمع على عظمات أو عظام، ولا أعلم كيف نشأت هذه الدلالة على وجه التحديد وإن كانت قشرة البيض تشبه العظم في لونه وتحاكي رمام العظام في صلابة قشرتها والتي تحمي الأح والمح مثلما تحمل العظام مخها ونخاعها أو تحمي الأعضاء الداخلية. كما نجد استعارة العظم في تسمية نواة الثمار من جهة صلابتها وموضعها.
أما من ناحية التركيب: فهي مختلفة تماما، فتتشكل مادة العظام في اﻷساس من الكولاجين وهو نوع من البروتين مع ما فيه من معادن كالكالسيوم أما قشرة البيض فتتكون من كربونات الكالسيوم. والعظام وإن كانت ذات فائدة في تغذية العظام كما تفعل الحيوانات مثل الدجاج فطريا إذا عازت الكالسيوم، لكن هذه الممارسة لم تكن معروفة في القديم على حد علمي. والقدماء كانوا يؤمنون بدور الأمزاج والأخلاط في تشكل هذه الأنسخة ولا يبعد أن يكون عندهم البيض من مادة قريبة من العظم.
ومن حيث دلالة اللون فقد ورد أن العرب سمّت نوعا من الحمام بالعظمي لبياض لونه، هو ما ذكره الصاحب بن عباد في المحيط: "والعَظْمِيُّ: جِنْسٌ من الحَمَام؛ وهو إلى البَياض"، وهناك من قد يردّ تشبيه اللون لأن في الطيور والزواحف بيضا بألوان مختلفة، لكن أغلب ما تناوله ويتناوله الناس كان بيض الدواجن مثل الدجاج والحمام. وعلاقة كلمتي "أبيض" و"بيض" في العربية مثلا لا تخفى على أحد. بل حتى في اللهجات الأمازيغية تملالت تعني بيضاء وتعني بيضة.
ومن الطرائف التي قرأتها في الباب أن طالبة جامعية سألت أخرى عن ماذا قُدّم لهم في المطعم الجامعي فأجبت عظام، فاستنكرت الثانية وقالت لن أدخله أيظنونا كلابا...
[1] مثل قسنطينة وجيجل ودلّس في الجزائر، وفي اللهجات المحلية من حافظ على الفتح فالسكون أي بَــيْـظ بينما يغلب المد في مثلها فيقولون بِــيض وبـيـظ وبيط بكسر الباء
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق