جاء في البصائر والذخائر: (قال أعرابي لآخر: حاجيتك، ما ذو ثلاثِ آذانٍ يسبقُ الخيلَ بالرَّدَيان؟ يعني سهماً. حاجيتك معناه فاطنتك[1]، والحِجى: العقل والفطنة؛ والرَّدَيان: ضرب من المشي في سكون.)
ويقال: "حاجيته فحجوته"[2] أي غلبته في المحاجاة، والعرب تقول أيضا: (حاجيتك ما في يدي)[3] أي هل تدري ما في يدي).
ولاستهلال المحاجاة بصيغة حاجيتك أو حاجيتكم شواهد كثيرة في المأثور عن العرب منذ الزمن الأول من المنقول من زمن الصحابة[4] وأهل الأدب، نثرًا وشعرًا.
يلخّصه معجم الوسيط: "حاجى الشَّخصَ :جادله وغالبه في مطارحة الأحاجي والألغاز"
وفي البلاد المغاربية "المْحاجية" من باب الألغاز وتُبدأ بـ "حاجيتك(م)" أو "حاجيتك(م) ماجيتك(م)" فيقال مثلا: (حاجيتك ماجيتك، لو كان ما هوما ما جيتك) والمراد البلغة أو النعل.
وقد يراد بـ "المحاجية" للتغليب مجمل ما يروى من الحكايات والألغاز التي يؤنس بها، "حاجَتِ الأوْلادَ قَبْلَ نَوْمِهِمْ: حَكَتْ لَهُمُ الأَحاجِيَ، قَصَّتْ عَلَيْهِمُ الخُرافاتِ، أَلْقَتْ علَيْهِمْ أَلْغازاً" (الوسيط)، وكان المعلم عندنا إذا رأى تلميذا يغالبه النعاس أو السهو في الحصة يقول "نحاجي لك باش ترقد!؟"
والمحاجاة بذات الصيغة كانت متداولة كذلك في بلاد الأندلس.[5]:
يقول ابن الجياب الغرناطي (ق. 8 هـ) في شهر "آب" السرياني:
حاجيتكم ما اسم علم ... ذو نسبة إلى العجم
يخبر بالرجعة وهـو ... راجع كما زعم
[1] المفاطنة هي المراجعة والمباراة في الفطنة والعقل. والأُحجية، والأُغلوطة، والأُدعية والأعُيية بمعنى واحد، ويقال حاجيتك وداعيتك وغالطتك وعاييتك والمعاياة المحاجاة. وقولهم الأغاليط لأنها معان مُبهمة.
[2] معجم العين.
[3] المخصص لابن سيده.
[4] ومن ذلك ما يروى فيما كتبه معاوية وكذلك ما يُنقل من كلام أم عمرو بنت جندب. والله أعلم بصحة هذه النقول، لكن الغاية إبراز قدم شيوعها.
[5] نفح الطيب وكذا ديوان ابن الجياب الغرناطي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق