الجمعة، 2 يناير 2015

أصل تسمية الجنوي والسكاكين في البلاد المغاربية

من مغمور اللهجات المغاربية اليوم، كلمة الجنوي (أو أجنوي في اللهجات الأمازيغية[1]) وهي بمعنى السكين عامةً أو الخنجر وقد تطلق في بعض المناطق على السيف[2]. والسكاكين الجنوية (Genoese knives) تُنسب إلى جنوة[3] مدينة ساحلية عريقة جنوب أوروبا، كانت مركز جمهورية جنوة (ق. 11 - 18م) غرب إيطاليا ومحادية لفرنسا. كانت قوة تجارية واقتصادية بامتياز في حوض البحر الأبيض المتوسط.
 



 
صورة لسكين من جنوة
سكين قديم من جنوة
وتوالت عبر التاريخ توسعاتها ومعهاداتها مع دول وموانئ حوض البحر الأبيض بما في ذلك شمال إفريقيا وسواحل بلاد الشام.

ولعل من يعرف الحلويات الفرنسية La pâtisserie française، يعلم أن جملة منها قائمة بشكل كبير على العجين الإسفنجي المسمى La génoise والذي ترجع نسبته إلى جنوة أيضا. بل حتى سراويل الجين أو الجينز jeans ترجع تسميتها إلى مدينة جنوة Gênes والتي كانت تستخدم أنسجة خاصة لبحّارتها كما استُعملت لأشرعة السفن.

وعن ازدهار التجارة في دولة الموحدين يذكر مبارك الميلي في كتابه تاريخ الجزائر في القديم والحديث عن عقد معاهدة تجارية في منتصف القرن السادس هجري أي الثاني عشر ميلادي، تضمن حرية التجارة لرعايا جنوة برا وبحرا على أن يأخذ عن البضائع الواردة الى بجاية العشر والواردة الى غيرها ثمانية من مائة. وأسست جنوة اثر هذه المعاهدة شركات خاصة للتجارة بالمغرب. يقول: (وكان تجار أروبا يستوردون من المغرب الزيت والصوف والشب وريش النعام والأدم ومواد الدباغة النباتية والشمع والزبيب وسائر الفواكه الجافة ويصدرون إليه الملف وسائر الاقمشة والذهب والفضة والنحاس وسائر لملعادن قطعا ومصنوعة أواني وأدوات منزلية كالمرجل والابر والسكين والناس اليوم من قبيلتنا وجيرانهم يسمون السكين "الجنوي").

تسمى السكاكين في البلاد المغاربية أيضا بالخدمي والموس والمدى وهي من موسى الحلاقة ومن المُدْيَة وهي الشفرة. وقد يعرف الكبير منها اليوم بالبوشية في الجزائر نسبة للجزار Boucher بالفرنسية.

أما الخدمي (وهي متداولة من ليبيا إلى المغرب الأقصى) فمن الناس من ينسبه للخدمة أو العمل مثل الذبح والتقطيع، لكن رينهارت دوزي يرى أنها أقرب إلى الغديمي وهي خناجر في اليمن، والكلمة قديمة إذ نجدها على الغالب مستخدمة في الأندلس أيضا في القرن السابع هجري / الثالث عشر ميلادي كما في قاموس سكياباريلي Schiaparelli.

كما تعرف الخناجر التي يعلّقها الرجال بالكميت سواء في اللهجات الأمازيغية أو العربية من ليبيا إلى أقصى المغرب ولا أعلم أصلها، إلا أن الكُميت في العربية اسم علم ويُطلق على االلون الأحمر الداكن الذي بين الحمرة والسواد.


 
[1] ترسم كلمة جنوة اليوم بالإيطالية Genova وبالإنجليزية Genoa وبالفرنسية Gênes.
 
[2] وتصغّر على تاجنوييت وقد تنطق بنطق محوّر مثل أجمي كما في الشاوية، وهذه الكلمة قديمة نسبيا في البلاد المغاربية ونجدها بصيغة أمازيغية موحدة بين لهجات مختلفة ومتباعدة جغرافيا، من أقصى شرق الجزائر إلى جنوب المغرب. علما أن السكاكين الجنوية كانت شهيرة في الساحة المتوسطية على أقل تقدير في القرن السادس عشر وترجع بدايات تجارتها إلى القرن الثالث عشر على الأقل (يُنظر Commercial  Agreements and Social Dynamics in Medieval Genoa).

[1] ويطلق أيضا على السيوف وكما نعلم عن أهل سوس المغرب وقد نقل ذلك أيضا رينهارت دوزي في تكملة المعاجم العربية. ويجمع الجنوي على جناوي. والعرب سمت قديما السيوف على حسب مكان صناعتها أيضا فعرفوا السيوف الهندية واليمنية والمشرفية (نسبة إلى مشارف الجزيرة) حتى صارت هذه النسب أعلاما على السيوف مثل المهنّد. وكذلك الأمر في البلاد المغربية مثل البوسعادي وهي سكاكين وخناجر وسيوف كانت تصنع في بوسعادة.
 
للاطلاع على المزيد من أنواع من السكاكين الجنوية: models of Genoese knives

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق